سورة الرعد - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


{وَالَّذِينَ صَبَرُوا} على طاعة الله، وقال ابن عباس: على أمر الله عز وجل. وقال عطاء: على المصائب والنوائب. وقيل: عن الشهوات. وقيل: عن المعاصي.
{ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} طلب تعظيمه أن يخالفوه.
{وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً} يعني يؤدّون الزكاة.
{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يدفعون بالصالح من العمل السيئَ من العمل، وهو معنى قوله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود- 114]. وجاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا عملت سيئةً فاعمل بجنبها حسنةً تمحها، السِرُّ بالسر والعلانيةُ بالعلانية».
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة، أنبأنا محمد بن أحمد بن الحارث، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي، أنبأنا عبد الله بن محمود، أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة، حدثني يزيد بن أبي حبيب، حدثنا أبو الخير، أنه سمع عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجلٍ كانت عليه درعٌ ضَيّقَةٌ قد خنقته، ثم عَمِل حسنة، فانفكَّت عنه حلقة، ثم عمل أخرى فانفكت أخرى، حتى يخرج إلى الأرض».
وقال ابن كيسان: معنى الآية: يدفعون الذنب بالتوبة.
وقيل: لا يكافئون الشَّر بالشِّر، ولكن يدفعون الشَّر بالخير.
وقال القتيبي: معناه: إذا سُفِهَ عليهم حَلِمُوا، فالسفَهُ: السَّيِّئَةُ، والحلمُ: الحسنة.
وقال قتادة: ردُّوا عليهم معروفا، نظيره قوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} [الفرقان- 63].
وقال الحسن: إذا حُرِمُوا أعطوا، وإذا ظُلِمُوا عَفَوْا، وإذا قُطِعُوا وصلوا.
قال عبد الله بن المبارك: هذه ثمان خلال مشيرة إلى ثمانية أبواب الجنة.
{أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} يعني الجنة، أي: عاقبتهم دار الثواب. ثم بيّن ذلك فقال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ}.


{جَنَّاتُ عَدْنٍ} بساتين إقامة، {يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ}.
قيل: من أبواب الجنة. وقيل: من أبواب القصور.


{سَلامٌ عَلَيْكُمْ} أي: يقولون سلام عليكم.
وقيل: يقولون: سلَّمكم الله من الآفات التي كنتم تخافونَ منها.
قال مقاتل: يدخلون عليهم في مقدار يوم وليلة من أيام الدنيا ثلاث كرَّات، معهم الهدايا والتحف من الله عز وجل، يقولون سلام عليكم، {بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن بقية بن الوليد، حدثني أرطاة بن المنذر قال: سمعت رجلا من مشيخة الجند يقال له أبو الحجاج يقول: جلست إلى أبي أمامة فقال: إن المؤمن ليكون متّكئًا على أريكته إذا أدخل الجنة، وعنده سِمَاطَان من خَدَمٍٍ، وعند طرف السِّماطين باب مبوَّبٌ. فيُقْبِلُ مَلَك من ملائكة الله يستأذن، فيقوم أقصى الخدم إلى الباب، فإذا هو بالمَلك يستأذن، فيقول للذي يليه: مَلَك يستأذن ويقول الذي يليه للذي يليه مَلَك يستأذن كذلك حتى يبلغ المؤمن، فيقول: ائذنوا له، فيقول أقربهم إلى المؤمن: ائذنوا له، ويقول الذي يليه للذي يليه: ائذنوا له كذلك حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب، فيفتح له فيدخل، فيسلم ثم ينصرف.
{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} هذا في الكفار. {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} أي: يؤمنون ببعض الأنبياء ويكفرون ببعض. وقيل: يقطعون الرحم.
{وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ} أي: يعملون بالمعاصي، {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} يعني: النار، وقيل: سوء المنقلب لأن منقلب الناس دُورُهم.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9